اليتيمة
سالت الدموع من عيني الفتاة ولكنها ربطت على جأشها ولم تبين من ذلك شيئا.
كانت الفتاة حزينة للغاية وقد ضايقها أيضا بإمساكها بمثل تلك الطريقة، فلم تدرِ بنفسها إلا ويدها ترتطم على وجهه بقلم ساخن جعله يغضب منها ويأمر خادمه بأن يسجنها ليلة كاملة بحجرة التخزين المظلمة حتى تتمكن من تهدئة نفسها؛ قضت الفتاة الليلة كاملة تعيد ذكرياتها الأليمة والموجعة للقلوب بكل ما تفعله زوجة أبيها معها، وعلى الرغم من أن ابنتها أختها إلا أن معاملتها تختلف بينهما اختلاف السماء والأرض.
وفي صباح اليوم التالي أخرجها الخادم من الحجرة ولكنها كانت قد شاهدت صورة فوتوغرافية لصاحب العمل مع فتاة جميلة للغاية توضح مدى علاقتهما الوطيدة ببعضهما البعض؛ لقد كان حنينا معها لغاية، أمرها بالجلوس معه على طاولة الطعام غير أن الفتاة كانت من شدة حزنها لا تشعر بالجوع من الأساس، أعلمها بجدول أعمالها وما المطلوب منها تحديدا.
كانت متفانية للغاية في عملها، وبيوم من الأيام سألها خادمه الوفي عن ما إذا رأت الصورة بحجرة التخزين، فأجابته: “نعم ولكنني لم أتعمد ذلك، لقد وقعت أمام عيني صدفة”.
فأخبرها عن قصة تلك الفتاة كاملة: “هذه الفتاة لطالما أحبها وفضلها على نفسه، وبذل الغالي والنفيس إرضاءا لها وفي سبيل إسعادها، لقد كانت سببا في فقدانه لبصره ودخوله إلى مثل هذه الحياة المظلمة؛ بيوم كانت ثملة للغاية، سألته هي أن تقود بهما السيارة ولأنه لا يرفض لها طلبا مهما كلفه الأمر، لبى لها رغبتها هذه المرة أيضا ولكنه كان لا يعلم أن الثمن سيكون باهظا ومكلفا إلى أبعد الحدود، لم تتمكن من السيطرة على السيارة فكان حاډثا مروعا أصيب فيه ودفع عيناه ثمنا؛ لم تكتفي بهذا القدر بل أخبرته بأول لحظة يعلم فيها أنه لن يرى نور الحياة من جديد أنها لن تتمكن من قضاء حياتها مع شخص أعمى، تعقدت حياته وفقد ثقته في كل وأي شخص، وأنتِ تتساءلين عن سبب معاملته القاسية لكِ، بالمصعد تتذكرين جيدا عندما ذكرتيه بأنه أعمى؟!، لألم تتطلبي حينها معاديته بهذه الطريقة؟!”
لقد فطر قلبها بكلامه، فكل تلك المعاملة القاسية تأتي من شخص طيب القلب ومرهف المشاعر، إنه يعاملني هكذا لأنه مثلي تعرض لخېانة ففطرت قلبه فخسر ثقته بالباقين، يا له من مسكين!
قطعت الفتاة عهدا على نفسها بأن تساعده بكل ما أوتيت من قوة…